إن الرسول هَمَّ أن يحرق على هؤلاء المتخلفين عن صلاة الجماعة تلك البيوت التي تؤويهم عن أداء هذا الواجب العظيم، فيذهب الحريق بنفوسهم وأموالهم عقابًا لهم على ترك هذه الشعيرة، وهذه عقوبة غليظة لا تكون إلا على جريمةٍ عظيمةٍ.
إنه لو أحرق بيت على من فيه بالنار لفزع الناس من ذلك فزعًا شديدًا، ولو فعل ذلك بمن يترك الجماعة لكان جزاءه شرعًا.
إن الصحابة كانوا يهتمون بصلاة الجماعة وينكرون بشدة على من تخلف عنها ويصفونه بالنفاق، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإنهن من سنن الهدى، وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى. وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةً ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. هذا ما قاله عبد الله ابن مسعود عن مكانة صلاة الجماعة عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمهم على من تخلف عنها، إنه عندهم منافق معلوم النفاق ينبذونه ويهجرونه. والمتخلف عن الصلاة اليوم أخ عزيز لدينا نكرمه ونخالطه ونعاشره كأنه ما ارتكب جريمة! وكأنه ما عصى الله ورسوله! وهذا مما يدل على أن ميزان الصلاة لدينا خفيف وأمرها هين.