وهي ليلة تتنزل فيها
الملائكة بالخيرات كما قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن
كُلِّ أَمۡرٖ﴾ [القدر: 4] «وهي الليلة التي يجري فيها التقدير السنوي كما قال تعالى ﴿فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ
أَمۡرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4] » ([1]) وهي ليلة سلام
كلها؛ كما قال تعالى: ﴿سَلَٰمٌ
هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ﴾ [القدر: 5]. فهذه الليلة العظيمة بخيراتها وبركاتها هي من
جملة خصائص شهر رمضان المبارك.
ومن خصائصه التي
بينها صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: افتراض صيام نهاره
واستحباب قيام ليله، فصيام نهاره أحد أركان الإسلام، فامتاز على غيره باشتماله على
أحد أركان الإسلام، واشتمال ليله على صلاة التراويح التي هي من آكد السنن، ولا
تشرع في غيره من الشهور.
ومن الخصائص التي
بينها هذا الحديث: لهذا الشهر المبارك كثرة مضاعفة الحسنات فيه، فالسنن تكون فيه بمنزلة
الفرائض في الأجر، والفريضة الواحدة فيه تعادل في الأجر سبعين فريضة في غيره، ولم
يرد مثل هذا التضعيف في غيره من الشهور.
ومن خصائصه: أنه شهر الصبر، أي
حبس النفس عن شهواتها بالصيام، وتحملها مشقة الطاعة والبعد عن مألوفها. والصبر من
أشق الطاعات على النفوس، ولهذا صار ثوابه الجنة، وقال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى
ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ﴾ [الزمر: 10].
ومن خصائص هذا الشهر أنه شهر الجود: الجود من الباري جل وعلا على عباده بالمغفرة والإعتاق من النار، والجود من العباد بعضهم بالمواساة وإطعام الجائع وسقي الظمآن وتفطير الصائم والرفق بالمملوك.
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.