×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

فإن بعض الناس لا يعرف من شهر رمضان إلا أنه وقت للتفنن في المأكولات والمشروبات، فيشغلون ليلهُ بالأكل والشرب والسهر على القيل والقال والمزاح والضحك، ويضيعون نهارهُ بالنوم والكسل، فلم يزدهُم رمضان إلا رغبة في الأكل وحرصًا على النوم. وصنف آخر من الناس ينشغلون في رمضان بالبيع والشراء وطلب الدنيا؛ لأن حركة الأسواق تزيد في رمضان فينتهزونه فرصةً لطلب الدنيا، «أننا» ([1]) لا نطلب من هؤلاء أن يغلقوا دكاكينهم ويعطلوا الأسباب، ولكن نريد منهم ألا يصرفوا كل الوقت لطلب الدنيا، وإنما يأخذون من ذلك بقدر لا يطغى على طلب الآخرة ويفوت مواسم العبادة؛ فقد كان السلف يتفرغون في رمضان حتى من طلب العلم، ويقبلون على الصلاة والتلاوة والذكر.

أيها المسلمون: حافظوا على صيامكم مما يخل به أو يُفسدهُ من الأعمال السيئة والأقوال الآثمة، فاحفظوا أسماعكم عن سماع ما حرم الله من الأغاني وقول الزور والغيبة والنميمة، واحفظوا أبصاركم عن رؤية ما حرم الله عليكم من المناظر الفاتنة، فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس. واحفظوا ألسنتكم من قول الزور وشهادة الزور والغيبة والنميمة والشتم والسباب، فإن «سابك([2])سبك أحدٌ فلا ترد عليه بالمثل بل قل: إني صائم. فليس الصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب فقط، بل هو إمساك كذلك عن كل ما حرم الله.


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.

([2])  استبدال من طبعة دار المعارف.