×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 «يَا زَيْد إِنَّ اللهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَإِنَّ اللهَ نَاصِرُ دِينِهِ وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ» ([1]). ثم انتهى إلى مكة ودخلها في جوار المُطعم بن عدي وأتى البيت العتيق وطاف به، والمطعم بن عدي وأولاده محدقون به وهم مدججون بالسلاح يحرسونه، حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته. وبعد ذلك قيض الله له الأنصار من أهل المدينة فالتقوا به في موسم الحج، فآمنوا به وبايعوه على أن يمنعوه إذا قدم إليهم في المدينة مما يمنعون منه نساءهم وأولادهم، فأذن الله لرسوله بالهجرة إليهم، فهاجر في شهر ربيع الأول بعد ثلاث عشرة سنة من بعثته، وخرج بصُحبته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، خرجا من مكة خفية لحرص المشركين على منعه من الهجرة، واختفيا في غار ثور ثلاثة أيام والمشركون يطلبونهم من كل وجه، حتى وقفوا على الغار الذي اختفيا به فيقول أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، والله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا. فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحْزَنْ، إِنَّ اللهَ مَعَنَا» ([2]). وقد سجل الله ذلك في قوله سبحانه ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40].

فلما سمع الأنصار بخروجه إليهم جعلوا يخرجون كل يوم إلى حرة المدينة، ليستقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يشتد بهم حر الظهيرة فيرجعوا


الشرح

([1])  انظر: ((زاد المعاد)) لابن القيم (3/28).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3419)، ومسلم رقم (2009).