×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 وفي يوم من الأيام دخل المدينة في وقت غفلة من أهلها، ووجد رجُلين يتضاربان أحدهما من شيعة موسى أي من بني إسرائيل، ومن الآخر من عدوه، أي من جماعة فرعون، فضرب موسى الذي من عدوه فنتج عن ذلك وفاته، وندم مُوسى على ذلك، فدعا الله وسأله المغفرة فغفر له.

ثم فر هاربًا لما سمع أن جماعة القتيل يريدون قتله، فتوجه إلى أرض مدين ووصل إليها وتزوج هناك، مكث عشر سنين أو ثماني سنين يرعى الغنم، ثم رجع بزوجته يريد أرض مصر، وفي طريقه أكرمه الله برسالته، وأوحى إليه بوحيه، وخاطبه بكلامه العظيم، وأرسله إلى فرعون بالآيات والسلطان المُبين، أرسله إلى فرعون الذي تكبر على الملأ وقال: أنا ربكم الأعلى.

فدعاه إلى الله، فأنكر فرعون وقال: ﴿وَمَا رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الشعراء: 23] فأجابه موسى بأنه هو ﴿رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ [الشعراء: 24] ففي خلق السموات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيقان بأنه هو الرب المستحق للعبادة وحدهُ، فقال فرعون لمن حوله مستهزئًا ساخرًا بموسى: ﴿أَلَا تَسۡتَمِعُونَ [الشعراء: 25] فذكره موسى بأصله، وأنه مخلوق من عدم، ومتسلسل من آباءٍ سبقوه وهلكوا، وأن الله هو رب الجميع ﴿قَالَ رَبُّكُمۡ وَرَبُّ ءَابَآئِكُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ [الشعراء: 26] وحينئذٍ بُهت فرعون وانقطعت حجته، فلجأ إلى دعوى أن موسى مجنون لا يؤخذ كلامه، فرد عليه موسى بأن الجنون هو إنكار الرب العظيم ﴿قَالَ رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ [الشعراء: 28] فلما عجز فرعون عن رد الحق لجأ إلى الإرهاب، فتوعد «موسى» ([1]) بالسجن ﴿قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.