×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

من ذلكم: ما يفعله الرجال من حلق لحاهم وتغذية شواربهم، وإطالة شعور رؤوسهم على شكل ما يفعل الكفار، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بجز الشارب وإعفاء اللحية وإكرامها وتوفيرها، ومخالفة المشركين الذين يحلقون لحاهم ويغذون شواربهم.

فقص الشارب وإعفاء اللحية، من خصال الفطرة وهدي الأنبياء، وهو مخالفةٌ لأعداء الله ورسوله، وهو كذلك عين المصلحة، فإن قص الشارب فيه النظافة والتحرز مما يخرج من الأنف، ولأنه إذا طال تدلى على الشفة، فينغمس فيما يتناوله من مشروب ومأكول، وفي ذلك ما فيه من التقذر. كما أن طول الشارب فيه تشويه للمنظر، وإن استحسنه من لا يعبأ به من الناس. وتوفير اللحية. «فيه الوقار للرجل والجمال، ولهذا يبقى جماله في حال كبره بوجود شعر اللحية» ([1]). واعتبر ذلك من يعصي الرسول صلى الله عليه وسلم، فيحلقها، كيف يبقى وجهه مشوهًا قد ذهبت محاسنه، ولكن العوائد والتقليد الأعمى يوجبان استحسان القبيح واستقباح الحسن.

والذي نقوله لهؤلاء -هدانا الله وإياهم-: الواجب عليكم التوبة والرجوع إلى الصواب، فالرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل، وقد وضحت لكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنتم مأمورون باتباعه والاقتداء به، قال تعالى: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ [الأحزاب: 21]. فتمسكوا بسنته ولا تغتروا بكثرة المخالفين.

ومن الأمور التي يجري فيها تقليد الكفار: التكلم بلغتهم من غير حاجةٍ، حتى بين العرب الخلص وفي بلاد العرب، فإن الإنسان إذا أكثر


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.