×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

ومن العجيب أن الكفار إذا جاءوا إلى بلاد المسلمين لا يغيرون أزياءهم، ولا يتحولون عما هم عليه، ونحن على العكس، إذا ذهبنا إليهم فالكثير منا يتحول إلى عاداتهم في لباسهم وغيره، والبعض يتعلل بأنه لو لم يفعل ذلك لخشي على نفسه أو ماله أن يتعدى عليه، وهذا اعتذارٌ غير مقبولٍ، لأننا نرى الذين يبقون بلباسهم، ويعتزون بدينهم، يرجعون وهم موفوروا الكرامة، لا ينالهم أي أذى، ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا [الطلاق: 2]. ولئن قبلت هذه المعذرة من بعض الأفراد الذين لا يحسب لهم حسابٌ، فلن تقبل ممن هم على مستوى المسئولية، ومن يكونون محل اهتمام الدول التي يقدمون عليها، ومع هذا يغيرون لباسهم من غير مبررٍ، إنه التقليد الأعمى، وعدم المبالاة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أيها المسلمون: إن خطر السفر إلى بلاد الكفار عظيمٌ، وضرره جسيمٌ، وإن من سافر إلى تلك البلاد من غير ضرورة، بل بدافع الهوى وميل النفس الأمارة بالسوء، واقتداء بمن لا يصلحون للقدوة، فهذا حريٌ أن يعاقب وأن يصاب في دينه. وبعض الناس يرسل أولاده الصغار -أو بعضهم- أو يسمح بابتعاثهم إلى بلاد الكفار، ليتعلموا اللغة أو غيرها هناك، دون تفكير في العواقب، ولا تقدير للنتائج، ودون خوف من الله الذي حمله مسئولية هؤلاء الأولاد.

وإذا كان الأولاد الصغار على خطر وهم في بلادنا وبين المسلمين، فكيف إذا أرسلوا إلى بلاد كافرة منحلة، وعاشوا في أوكار الفساد، ومواطن الإلحاد؛ إن الشاب من أولادنا المبتعثين يغمس في وسط عائلةٍ كافرةٍ، ليعيش معهم طيلة بقائه هناك، فماذا تتصورون من شاب غريبٍ في وسط كافرٍ منحل؟ ماذا سيبقى معه من الدين والخلق؟


الشرح