×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

والحكمة في ذلك أنها قربان يتقرب بها إلى الله عن المولود في أول خروجه إلى الدنيا، وهي أيضًا فدية يفدى بها المولود، كما فدى الله إسماعيل بالكبش، كل ذلك مما يدل على الاعتناء بالمولود.

عباد الله: كما أن للأب حقًا على ولده، فللولد حقٌ على أبيه، قال بعض العلماء: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة، قبل أن يسأل الولد عن والده. وقد قال الله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ [النساء: 11]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ [الإسراء: 31]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ» ([1])، فوصية الله للآباء بالأولاد سابقةٌ على وصية الأولاد بآبائهم، فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاءهم الفساد بسبب إهمال الآباء، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينفعوا أنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارًا، عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت، إنك عققتني صغيرًا فعققتك كبيرًا، وأضعتني وليدًا فأضعتك شيخًا.

فالطفل ينشأ على ما عوده المربي، فيجب على وليه أن يجنبه مجالس اللهو والباطل والغناء، وسماع الفواحش والبدع ومنطق السوء، ويجنبه الخيانة والكذب والكسل والبطالة والدعة والراحة، فإن الكسل والبطالة لهما عواقب سوءٍ ومغبّةٌ وندمٌ، وللتعب والجد عواقب حميدةٌ. ويجنبه الشهوات الضارة فإن تمكينه منها يفسده فسادًا يصعب إصلاحه، فبعض الآباء يغدق على ولده العطاء ويمده بالمال الذي يتمكن به من شهواته، ويزعم أنه يكرمه بذلك وهو قد أهانه، ويزعم أنه قد رحمه وهو قد ظلمه.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2447).