×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

إن الله أمر بأداء الأمانة، قال سبحانه:  ﴿فَإِنۡ أَمِنَ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا فَلۡيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤۡتُمِنَ أَمَٰنَتَهُۥ وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥۗ [البقرة: 283]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا [النساء: 58]، وقال صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الأَْمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ، حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» ([2]).

فهذه الأوامر تدل على أن أداء الأمانة واجب حتى لا يجوز التساهل فيه، فيجب على الوالي أن ينصح لرعيته، ويجب على القاضي أن يعدل في حكمه، ويجب على المدرس أن يخلص في تدريسه، ويكون قدوة حسنة لطلابه في جميع تصرفاته، ويجب على الموظف أن يؤدي العمل الذي أنيط به، فيحفظ وقته ويرتب أعماله، ويستقبل المراجعين، وينهي طلباتهم، ويستمع إلى شكاواهم، ولا يحابي قريبًا أو صديقًا أو يقدم أحدًا على أحدٍ بغير حق، أو يضيع وقت الدوام في غير عمله، وأعظم من ذلك إذا امتنع من إنجاز بعض المعاملات حتى يدفع له المراجع شيئًا من المال، إنه بهذا يجمع بين جريمتين عظيمتين: الخيانة في العمل، وأكل المال الحرام، وقد كثر هذا بين من لا دين لهم ولا حياء، فصاروا يبيعون الأعمال بيعًا، ويؤذون عباد الله.

إن الله كما أمر بأداء الأمانة، فقد نهى عن الخيانة فيها، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [الأنفال: 27]، وأخبر أن الخيانة في الأمانة من صفات اليهود،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3534)، والترمذي رقم (1264)، وأحمد رقم (15424).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3561)، والترمذي رقم (1266)، وابن ماجه رقم (2400).