يقول الحق ولو كان مرًا، لا تأخذه في الصدق لومة
لائمٍ، ولا يخالطه أحدٌ إلا وثق به وأمنه على نفسه وأهله وماله فهو مؤتمن على
الأحياء، ووصيٌ على الأموات، وناظر الأوقاف، وحافظ الودائع، ومؤدي الحقوق إلى
مستحقيها.
والمؤمن المتخلق
بالصدق لا يكذب ولا يقول إلا خيرًا، وقد جاء في الصدق والحث عليه آيات وأحاديث
كثيرةٌ، كقول الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ
ٱلصَّٰدِقِينَ﴾ [التوبة: 119]، وقوله تعالى: ﴿مِّنَ
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم
مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا ٢ ل
لِّيَجۡزِيَ ٱللَّهُ ٱلصَّٰدِقِينَ بِصِدۡقِهِمۡ وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ إِن
شَآءَ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٢﴾ [الأحزاب: 23، 24]، وقال تعالى: ﴿هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ
ٱلصَّٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ
خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ
ٱلۡعَظِيمُ﴾ [المائدة: 119].
وقال صلى الله عليه وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَالْكَذِبَ رِيبَةٌ» ([1])، وقال تعالى: ﴿فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ﴾ [محمد: 21]، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: والإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذبٌ وإيمانٌ إلا وأحدهما محاربٌ للآخر، وأخبر سبحانه أنه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذابه إلا صدقه، قال تعالى: ﴿هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ﴾ [المائدة: 119]، وقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ﴾ [الزمر: 33]، فالذي جاء بالصدق هو من شأنه الصدق في قوله وعمله وحاله، فالصدق يكون في هذه الثلاثة.
([1]) أخرجه: النسائي رقم (5711)، والدارمي رقم (2532)، وأحمد رقم (1723).