وقد أمر الله تعالى
رسوله أن يسأله أن يجعل مدخله ومخرجه على الصدق، فقال: ﴿وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِي مُدۡخَلَ صِدۡقٖ وَأَخۡرِجۡنِي مُخۡرَجَ صِدۡقٖ﴾ [الإسراء: 80]، وأخبر عن خليله إبراهيم أنه سأله أن يهب له لسان صدق في الآخرين فقال: ﴿وَٱجۡعَل لِّي لِسَانَ
صِدۡقٖ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ﴾ [الشعراء: 84]، وبشر عباده بأن لهم عنده قدم صدقٍ ومقعد صدقٍ،
فقال تعالى: ﴿إِنَّ
ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَنَهَرٖ ٥٤ فِي
مَقۡعَدِ صِدۡقٍ عِندَ مَلِيكٖ مُّقۡتَدِرِۢ ٥٥﴾ [القمر: 54، 55]، فهذه خمسة أشياء:
مدخل الصدق، ومخرج الصدق، ولسان الصدق، وقدم الصدق، ومقعد الصدق.
وحقيقة الصدق في هذه
الأشياء هو: الحق الثابت المتصل بالله، الموصل إلى الله، وهو ما كان به وله من الأقوال
والأعمال، وجزاء ذلك في الدنيا والآخرة.
وقد أخبر تعالى عن
أهل البر، وأثنى عليهم بأحسن أعمالهم من الإيمان والإسلام والصدقة والصبر، بأنهم
أهل الصدق، فقال: ﴿وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ
حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ
وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ
وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ
وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ
وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، وهذا صريحٌ في أن الصدق بالأعمال الظاهرة، وأن الصدق هو مقام الإسلام
والإيمان.
والصدق أنواعٌ:
أحدها: الصدق في القول، فحقٌ على كل عبدٍ أن يحفظ ألفاظه ولا يتكلم إلا بالصدق.
الثاني: الصدق في الإرادة والنية، وذلك يرجع إلى الإخلاص في الأعمال، فإنها إذا دخلها مقصدٌ لغير الله بطلت.