×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

رجلاً؛ فإن آمن آمن، وإن كفر كفر، وإن كنتم لا بد مقتدين فاقتدوا بالميت، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، لا يكن أحدكم إمعةً يقول: أنا مع الناس، إن اهتدوا اهتديت، وإن ضلوا ضللت، ألا ليوطن أحدكم نفسه على أنه إن كفر الناس لا يكفر»، انتهى كلامه رضي الله عنه.

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: «من لم ينتفع بعينه لم ينتفع بأذنه، للعبد سترٌ بينه وبين الله، وسترٌ بينه وبين الناس، فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله، هتك الله الستر الذي بينه وبين الناس، للعبد ربٌ هو ملاقيه، وبيتٌ هو ساكنه، فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه، ويعمر بيته قبل انتقاله إليه، إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها، والدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة، فكيف بغم العمر؟ محبوب اليوم يعقب المكروه غدًا، ومكروه اليوم يعقب المحبوب غدًا، أعظم الربح في الدين أن تشغل نفسك كل وقتٍ بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها، كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوةٍ ساعةٍ؟!

اشترِ نفسك اليوم، فإن السوق قائمةٌ، والثمن موجودٌ، والبضائع رخيصةٌ، وسيأتي على تلك السوق والبضائع يومٌ لا تصل فيه إلى قليلٍ ولا كثيرٍ، ذلك يوم التغابن، يوم يعض الظالم على يديه، السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعةٍ فثمرة شجرته طيبةٌ، ومن كانت في معصيةٍ فثمرته حنظل، وإنما يكون الجذاذ يوم المعاد، فعند الجذاذ يتبين حلو الثمار من مرها، والإخلاص والتوحيد شجرةٌ في القلب، فروعها


الشرح