عباد الله: ﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي
ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ
ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [الروم: 41]. إن جور الولاة
وولاية الطغاة بسبب جرم الرعايا؛ قال تعالى ﴿وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ
يَكۡسِبُونَ﴾ [الأنعام: 129]، وفي الأثر: «كيفما تكونوا
يُوَلَّى عليكم» إنه ظهر الفساد، وانتشر الإلحاد، وتجاهر الناس بالذنوب، فغير عزيز
على الله أن يخسف بهم الأرض، أو يرسل عليهم حاصبًا، أو يهلكهم بالأمراض والحروب،
أو يسلط عليهم الولاة الكفرة، والطغاة الجبابرة، والأحزاب الغاشمة، فيسومونهم سوء
العذاب﴿قُلۡ هُوَ
ٱلۡقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبۡعَثَ عَلَيۡكُمۡ عَذَابٗا مِّن فَوۡقِكُمۡ أَوۡ مِن تَحۡتِ أَرۡجُلِكُمۡ أَوۡ يَلۡبِسَكُمۡ
شِيَعٗا وَيُذِيقَ بَعۡضَكُم بَأۡسَ بَعۡضٍۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ
ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَفۡقَهُونَ﴾ [الأنعام: 65].
إنه لا نجاة
للمسلمين مما وقعوا فيه اليوم إلا بالرجوع إلى دين الإسلام من جديد، الرجوع
الصحيح، الذي تطبق به تعاليمه، وتنفذ به أحكامه، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا
بِأَنفُسِهِمۡۗ و﴾ [الرعد: 11]، وما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة، فيجب علينا معشر المسلمين
الرجوع إلى الله، بإصلاح أوضاعنا وفق شريعة الإسلام، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا
ما أصلح أولها.
وكل مسلم عليه من مسؤولية الإصلاح ما يقدر عليه، فعلى ولاة الأمور مسؤوليتهم، وعلى كل فرد من أفراد الرعية مسؤوليته، و«كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» ([1])، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ﴾ [المائدة: 2]، فما لم تتضافر
([1]) أخرجه: البخاري رقم (853)، ومسلم رقم (1829).