أيها المسلمون: أديموا مراقبة الله
سبحانه وتعالى ؛ فإنه رقيب عليكم، قال تعالى ﴿إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا﴾ [النساء: 1]. ومراقبة الله هي
دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الله تعالى على ظاهره وباطنه، وأنه ناظرٌ إليه،
سامعٌ لقوله، ومع ذلك قد وكل بعباده ملائكة يكتبون أقوالهم وأعمالهم ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ
إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ﴾ [ق: 18]، ﴿وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ ١٠ كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١ يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ ١٢ ﴾ [الانفطار: 10- 12]، وفي يوم القيامة
سيقرأ العبد كل ما كتبته الحفظة من أقواله وأعماله ويحاسب على ذلك ﴿يَوۡمَ تَجِدُ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ مِنۡ خَيۡرٖ مُّحۡضَرٗا وَمَا عَمِلَتۡ مِن سُوٓءٖ تَوَدُّ لَوۡ أَنَّ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَهُۥٓ أَمَدَۢا بَعِيدٗاۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ
بِٱلۡعِبَادِ﴾ [آل عمران: 30]، وقال تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَٰنٍ
أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ
كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ١٣ ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ
ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا ١﴾ [الإسراء: 13، 14].
ومع ذلك كله، تشهد
على العبد أعضاؤه وجلده؛ قال تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ نَخۡتِمُ عَلَىٰٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَتُكَلِّمُنَآ أَيۡدِيهِمۡ
وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾ [يس: 65]، وقال تعالى: ﴿يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ
وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [النور: 24]، وقال تعالى: ﴿وَيَوۡمَ يُحۡشَرُ أَعۡدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ
يُوزَعُونَ ١٩ حَتَّىٰٓ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيۡهِمۡ سَمۡعُهُمۡ
وَأَبۡصَٰرُهُمۡ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢٠ ﴾ [فصلت: 19، 20]،
وكذلك الأرض تشهد يوم القيامة على العبد بما عمله على ظهرها من خير أو شر، قال تعالى:﴿يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا﴾ [الزلزلة: 4]، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا أَنْ تَقُولَ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا في يَوْمَ كَذَا وَكَذَا» ([1])، رواه الترمذي
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2429)، وأحمد رقم (8867).