أو شهوةٍ، أولئك الذين يقولون
ما لا يفعلون، دينهم ما تهواه أنفسهم، وما يوافق رغباتهم، لا يعرفون معروفًا، ولا
ينكرون منكرًا، ولا يلتزمون بما يعنيه قولهم ﴿ءَامَنَّا بِٱللَّهِ﴾ [العنكبوت: 10] من طلب الاستقامة على مدلول
هذه الكلمة، من فعل الطاعات، وترك المحرمات، والإخلاص للمعبود، والإحسان إلى
العبيد، إن كلمة ﴿ءَامَنَّا
بِٱللَّهِ﴾ [العنكبوت: 10] تمرُ على ألسنتهم وكأنها لا معنى لها، فلا تؤثر على
سلوكهم، ولا تُغير من تصرفاتهم.
إن النجاة من النار
والفوز بالجنة لا يحصلان إلا بمجموع الأمرين: قول هذه الكلمة، والاستقامة على
معناها، قال تعالى: ﴿إِنَّ
ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ
وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ١٣ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ
ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١﴾ [الأحقاف: 13، 14]، وقال صلى الله
عليه وسلم: «قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ» ([1])، ولو كان القول
المُجرد يكفي وينفع صاحبهُ، لنفع المنافقين الذين يُرددون كلمة ﴿ءَامَنَّا بِٱللَّهِ﴾ [العنكبوت: 10] والله يُكذبهم
ويقول: ﴿وَمِنَ
ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم
بِمُؤۡمِنِينَ ٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ
إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩﴾ [البقرة: 8، 9] لماذا؟ لأنهم لا يستقيمون
على قولهم: ﴿ءَامَنَّا
بِٱللَّهِ﴾ [العنكبوت: 10].
عباد الله: إن الاستقامة الكاملة بحيث لا يقع تقصير من العبد في طاعة الله، أمر غير مستطاع، فالعبد محل التقصير، ومعرض للخطأ، لكن من فضل الله عليه أن شرع له الاستغفار، ليجبر ذلك التقصير في الاستقامة، قال الله تعالى: ﴿فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُ﴾ [فصلت: 6]،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (38).