روى ابن ماجه والحاكم
-وقال: صحيح الإسناد- من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: «لَنْ تَزُولَ قَدَمَا شَاهِدِ الزُّورِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حَتَّى تَجِب لَهُ النَّارَ» ([1]).
عباد الله، وشهادة
الزور هي الشهادة الكاذبة، التي ليس لها أساس من الصحة، بأن يشهد الإنسان بما ليس
له به علم، إما بدافع الحمية لمناصرة المشهود له بالباطل، وإما بدافع الطمع بما
يعطيه المشهود له من مكافأة مالية أو غيرها، دون التفكير في العاقبة الوخيمة، ودون
خوف من الله. لأن الشهادة يجب أن تكون عن علم بالمشهود به، قال الله تعالى: ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ
بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [الزخرف: 86]، أي يعلمون بقلوبهم ما تشهد به ألسنتهم، فلا يجوز
للإنسان أن يشهد إلا بما يتحققه، إما برؤية أو سماع من المشهود عليه، ونحو ذلك مما
يفيد العلم لدى الشاهد. وما لا يعلمه لا يجوز له أن يشهد به، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ
لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ
كَانَ عَنۡهُ مَسُۡٔولٗا﴾ [الإسراء: 36].
فتحفظوا -يا عباد
الله- في شهادتكم، وتحرزوا مما تنطق به ألسنتكم؛ فإن شاهد الزور قد ارتكب أمورًا
خطيرة، منها الكذب والافتراء، وقد قال الله تعالى ﴿إِنَّمَا يَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بَِٔايَٰتِ
ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ﴾ [النحل: 105]، وقال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي
مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ كَذَّابٞ﴾ [غافر: 28].
ومن المحاذير التي ارتكبها شاهد الزور: أنه ظلم الذي شهد عليه، فاستبيح بشهادته عليه دمه أو ماله أو عرضه.
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (2373).