والسمعة، وكونوا ﴿شُهَدَاء بِالْقِسْطِ﴾ [المائدة: 8]، أي بالعدل لا
بالجور.
وقد ثبت في الصحيحين
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال: نحلني أبي نحلاً، فقالت أمي عمرة بنت
رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه ليشهده على
صدقتي، فقال: «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟» قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «اتَّقُوا
اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ» وقال: «إِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى
جَوْرٍ»، قال: فرجع أبي، فرد الصدقة ([1]).
فهذا دليل على أن
الإنسان لا يجوز له أن يشهد على الجور، لأن شهادته ستكون وسيلة لثبوته، فيكون
معينًا على الجور، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وشاهديه وكاتبه؛
لأن كتابة عقود الربا والشهادة عليها، وسيلة لإثباتها، وإعانة على تعاطيها.
عباد الله، ويجب على الإنسان أن يشهد بالحق ولو على نفسه أو أقرب الناس إليه، لا تأخذه في ذلك لومة لائم، ولا يصرفه عن ذلك طمع أو خوف أو محاباة، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَۚ﴾ [النساء: 135]، اشهد بالحق ولو عاد ضرر ذلك عليك، وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه ولو عادت مضرته عليك، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجًا ومخرجًا من كل أمر يضيق عليه، وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك، فلا تراعهم فيها، فإن الحق حاكم على كل أحد، ولا تراع غنيًا لغناه ولا فقيرًا لفقره في أمر الشهادة، فالله أولى بهما منك، وأعلم بما فيه صلاحهما، فالله أرحم بعباده منكم، فقد تظنون أن في الشهادة عليهم
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2507)، ومسلم رقم (1623).