×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

الآفة الثالثة: التكلم بالفحش والسب والبذاءة والشتم، فإن بعض الناس يعتاد النطق بلعن الأشخاص والأماكن والدواب، فيكون النطق باللعنة أسهل الألفاظ عليه، وربما يواجه بها صديقه وصاحبه العزيز عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَعْنُ الْمُسْلِمِ كَقَتْلِهِ» ([1])، وقال: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَاللَّعَّانِ، وَلاَ الْفَاحِشِ، وَلاَ الْبَذِيءِ» ([2])، وقد لعنت امرأة ناقة لها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ ما عليها وتركها، وقال: «لاَ تَصْحَبُنَا نَاقَةٌ مَلْعُونَةٌ» ([3]).

وبعض الناس حينما يكون بينه وبين أخيه المسلم منازعة أو مشادة، فإنه يطلق لسانه عليه بالسب والشتم والتعيير، ورميه بما ليس فيه من قبيح الخصال، ولا يدري هذا المسكين أنه إنما يجني على نفسه، ويحملها أوزار ما يقول، والله تعالى قد أمر من وجه إليه شيءٌ من الشتائم والسباب أن يدفع ذلك بالكلام الحسن، قال تعالى: ﴿ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ [المؤمنون: 96]، فإذا كان المعتدي عليه بالكلام السيء مأمورًا بدفعه بكلام حسن، ابتعادًا عن النطق بالفحش ولو قصاصًا، فكيف الذي يبدأ بالفحش ويتفوه بالإثم؟!

الآفة الرابعة: من آفات اللسان: كثرة المزاح، فإن الإفراط في المزاح والمداومة عليه منهيٌ عنهما، لأنه يسقط الوقار، ويوجب الضغائن والأحقاد، أما المزاح اليسير النزيه فإنه لا بأس به، لأن فيه انبساطًا وطيب نفسٍ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقًا.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5700)، ومسلم رقم (110).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (1977)، والحاكم رقم (29)، وابن حبان رقم (192).

([3])  أخرجه: أحمد رقم (19781)، وابن حبان رقم (5743)، وأبو يعلى رقم (7428).