×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 الآخرة لا تفتر، يذهب فيها أفراد وجماعات، وآباء وأمهات، وملوك ومماليك، وأغنياء وصعاليك، ومؤمنون وكفار، وأبرار وفجار، كلهم يذهبون إلى الآخرة ويودعون في القبور، ينتظرون البعث والنشور، والنفخ في الصور ﴿يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ ٤٣ خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۚ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ ٤٤ [المعارج: 43، 44].

عباد الله، إن الله سبحانه وتعالى ذم الذين يؤثرون الدنيا على الآخرة في كثيرٍ من الآيات، قال تعالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ [البقرة: 86]، وقال تعالى: ﴿كَلَّا بَلۡ تُحِبُّونَ ٱلۡعَاجِلَةَ ٢٠  وَتَذَرُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ ٢١ [القيامة: 20، 21]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلۡعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمۡ يَوۡمٗا ثَقِيلٗا [الإنسان: 27]، وقال تعالى: ﴿بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ١ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ ١٧ [الأعلى: 16، 17]، وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ٣٧ وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ٣٨ فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٣ [النازعات: 37- 39].

إن إيثار الدنيا على الآخرة يظهر جليًا على تصرفات الناس، والناس يزدحمون على أبواب المتاجر، ولا يزدحمون على أبواب المساجد، والناس يزدحمون على طلب الدنيا، ولا يزدحمون على العلم النافع، الناس يصبرون على تحمل المشاق الصعبة في طلب الدنيا، ولا يصبرون على أدنى مشقةٍ في طاعة الله، الناس يغضبون إذا انتقص شيءٌ من دنياهم، ولا يغضبون إذا انتقص شيءٌ من دينهم، كثيرٌ من الناس -لشدة حبه للدنيا- لا يقنع بما أباح الله له من المكاسب، فيذهب يتعامل بالمعاملات المحرمة، والمكاسب الخبيثة، من الربا والرشوة والغش في البيع والشراء، بل يفجر في خصومته، فيحلف بالله


الشرح