×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

حَقَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَةَ مَالاً»، قال: فَاتَّخَذَ غَنَمًا، فَنَمَتْ كَمَا يَنْمُو الدُّودُ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ، فَتَنَحَّى عَنْهَا، فَنَزَلَ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَتِهَا، حَتَّى جَعَلَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي جَمَاعَةٍ، وَيَتْرُكُ مَا سِوَاهُمَا. ثُمَّ نَمَتْ وَكَثُرَتْ، فَتَنَحَّى حَتَّى تَرَكَ الصَّلَوَاتِ إِلاَّ الْجُمُعَةَ، وَهِيَ تَنْمُو كَمَا يَنْمُو الدُّودُ، حَتَّى تَرَكَ الْجُمُعَةَ. فَطَفِقَ يَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَسْأَلُهُمْ عَنِ الأَْخْبَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا فَعَلَ ثَعْلَبَةُ؟» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اتَّخَذَ غَنَمًا فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ ! فَأَخْبَرُوهُ بِأَمْرِهِ، فَقَالَ: «وَيْحَ ثَعْلَبَةَ، يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ» وَأَنْزَلَ اللَّهُ جل ثناؤه: ﴿خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ [التوبة: 103]، وَنَزَلَتْ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ عَلَى الصَّدَقَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلاً مِنَ جُهَيْنَةَ، وَرَجُلاً مِنْ سُلَيْمٍ، وَكَتَبَ لَهُمَا كَيْفَ يَأْخُذَانِ الصَّدَقَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ لَهُمَا: «مُرَّا بِثَعْلَبَةَ وَبِفُلاَنٍ -رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ-، فَخُذَا صَدَقَاتِهِمَا». فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا ثَعْلَبَةَ فَسَأَلاَهُ الصَّدَقَةَ، وَأَقْرَآهُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا هَذِهِ إِلاَّ جِزْيَةٌ، مَا هَذِهِ إِلاَّ أُخْتُ الْجِزْيَةِ، مَا أَدْرِي مَا هَذَا. انْطَلِقَا حَتَّى تَفْرُغَا ثُمَّ عُودَا إِلَيَّ. فَانْطَلَقَا، وَسَمِعَ بِهِمَا السُّلَمِيُّ فَنَظَرَ إِلَى خِيَارِ أَسْنَانِ إِبِلِهِ، فَعَزَلَهَا لِلصَّدَقَةِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُمَا بِهَا. فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: مَا يَجِبُ عَلَيْكَ هَذَا، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نَأْخُذَ هَذَا مِنْكَ. فَقَالَ: بَلَى، فَخُذُوهَا، فَإِنَّ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةً، وَإِنَّمَا هِيَ لله، فَأَخَذَاهَا مِنْهُ. ومرا على الناس فأخذا الصدقات ثُمَّ رَجَعَا إلى ثَعْلَبَة، فَقَالَ: أَرُونِي كِتَابَكُمَا، فَقرأه، فَقَالَ: مَا هَذِهِ إِلاَّ جِزْيَةٌ، مَا هَذِهِ إِلاَّ أُخْتُ الْجِزْيَةِ، انْطَلِقَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي. فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُمَا قَالَ: «يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ»، قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا، وَدَعَا لِلسُّلَمِيِّ بِالْبِرْكَةِ، فَأَخْبَرَاهُ الَّذِي صَنَعَ ثَعْلَبَةُ وَالَّذِي صَنَعَ


الشرح