وعبدوها من دون
الله، فحدث الشرك بالله من ذلك الحين، فبعث الله نبيه نوحًا عليه السلام ينهاهم عن
هذا الشرك، لكنهم استمروا على عبادة هذه الصور ﴿وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا كُبَّارٗا ٢ وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا
سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا ٢﴾ [نوح: 22، 23].
المسألة الخامسة: مما دلت عليه هذه
الأحاديث: أن تصوير غير ذوات الأرواح لا بأس به، فيجوز تصوير المباني والأشجار
والجبال والأنهار والبحار، وسائر المناظر والآلات، سواء صورها على أوراق أو على
حيطان أو غير ذلك؛ لأن ابن عباس قال: صور الشجر وما لا روح فيه.
المسألة السادسة: أنه يجوز استعمال
ما فيه صورة إذا كانت الصورة ممتهنة، تُداس، أو يُجلس، أو يُنام عليها، كالصور
التي في البسط والوسائد ونحوها؛ لأن عائشة رضي الله عنها هتكت الستر الذي فيه
تماثيل وجعلته وسائد، وكذلك استعمال النقود التي فيها صورٌ، كل هذا جائز، ويكون
الإثم على واضع الصورة لا على المستعمل.
عباد الله، ومن عموم النصوص السابقة وغيرها ندرك تحريم التصوير، وتحريم استعماله بجميع أشكاله، سواء كان تماثيل لها أجرامٌ، أو رسومًا على أوراق، أو على خرق، أو حيطان، وسواء رسمت باليد أو صورت بالآلة المسماة بالكاميرا، كل ذلك محرم داخل في عموم الوعيد الشديد والنهي الأكيد، فعلى المسلم أن يتجنبه، ويحذر منه، ويخلي بيته ومكتبه منه، ويطمس ما يستطيع طمسه منها» ([1]).
([1]) سقط صفحة من طبعة دار المعارف.