×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 كم مرضت مريضًا بيديك، تبتغي له الشفاء، وتستوصف له الأطباء؟ ثم لم تنفعه شفاعتك ولم تسعفه طلبتك. مثلت لك الدنيا غداة مصرعه مصرعك، وبمضجعه في التراب مضجعك.

عباد الله، إن الذم والوعيد إنما ورد في حق من آثر الدنيا على الآخرة، فصارت الدنيا أكبر هَمَّه ومبلغ علمه، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ٣ وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ٣٨ فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٣ [النازعات: 37- 39]، وقال تعالى: ﴿فَأَعۡرِضۡ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكۡرِنَا وَلَمۡ يُرِدۡ إِلَّا ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ٢  ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ ٣ [النجم: 29، 30]، والآيات في هذا كثيرة.

وأما من أخذ من الدنيا ما أباح الله له، واستعان به على طاعة الله، وتمتع بنعم الله، وأدى شكرها، فهذا محمود، قال تعالى  ﴿وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ [القصص: 77]، وقال تعالى:  ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ ٢٠٠  وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ٢٠١  أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ ٢٠٢ [البقرة: 200- 202].

ونصوص كثيرة في الكتاب والسنة توجه إلى طلب الرزق، مع ربط ذلك بتقوى الله والعمل الصالح، قال تعالى: ﴿فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥ  [العنكبوت: 17]، وقال تعالى:﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ  [الجمعة: 10]، وقال صلى الله عليه وسلم: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ 


الشرح