×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 السيارة وليه فيجب أن يؤدب وليه معه، لأنه لا يقل جرمًا عنه حتى يعلم الجميع أن للمسلمين حرمة، وأن للعابثين عقوبة، وأن لكل مجرم جزاء، وأن هناك سلطة عادلة تنتصر للمظلوم من الظالم.

وفريق آخر من أصحاب السيارات إذا سار في الطريق، لا يرى لغيره حقًا فيه، فيهاجم المارة، ويحاول الاستيلاء على الطريق، ليدرك من سبقه، ويسده على من خلفه، ويعطي لسيارته الحرية وأقصى حد في السرعة، ولو ترتب على ذلك إزهاق أرواح بريئة، وإتلاف أموال محترمة.

ما هكذا -يا أيها المسلمون- تكون معاملة المسلم لأخيه المسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دفع من عرفة إلى مزدلفة، ومعه الجمع العظيم من المسلمين، جعل يقول: «السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» ([1]) وشنق الزمام لراحلته، حتى كاد رأسها يلامس رحله، خشية أن يشق على المسلمين في سيرهم ويضايقهم في طريقهم، وهو أفضل الخلق على الإطلاق، ولو شاء أن يفسح له الطريق حتى يمر وحده لفعل، ولكنه كما وصفه الله: ﴿عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ [التوبة: 128]، وقد أمره الله أن يخفض جناحه للمؤمنين، فاقتدوا به، أيها المسلمون :﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ  [الأحزاب: 21].

اعباد الله، ومن أذية المسلمين محاولة الاطلاع على عوراتهم، وإلقاء النظر عليهم في بيوتهم، من خلال شقوق الجدران، أو الإطلاع عليهم من الشرف، أو من فتحات الطيقان، أو من خلال الناظور المكبر، كما يفعل بعض الوقحين السفلة. وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1218).