يَحِفْ فَكَّ
اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَارْتَشَى وَحَابَى
فِيهِ شُدَّتْ يَسَارُهُ إلَى يَمِينِهِ ثُمَّ رُمِيَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ، فَلَمْ
يَبْلُغْ قَعْرَهَا خَمْسَمِائَةِ عَامٍ» ([1]).
عباد الله، الرشوة
حرام بإجماع المسلمين، سواء كانت للقاضي، أو للعامل على الصدقة، أو لأي عامل في
وظيفة من وظائف الدولة، فالإسلام يحرم الرشوة؛ لأنها من أكل أموال الناس بالباطل.
وشيوع الرشوة في المجتمع شيوع للفساد والظلم؛ لأنها تسبب منع صاحب الحق من حقه،
ودفعه إلى غير مستحقه، تسبب الظلم والعدوان، تقدم من يستحق التأخير، وتؤخر من
يستحق التقديم، فما خالطت الرشوة عملاً إلا أفسدته، ولا نظامًا إلا قلبته، ولا
قلبًا إلا أظلمته، فما فشت في أمةٍ إلا وحل فيها الغش محل النصح، والخيانة محل
الأمانة، والخوف محل الأمن، والظلم محل العدل، الرشوة مهدرة للحقوق، معطلة للمصالح،
مجرئة للظلمة والمفسدين، ما فشت في مجتمع إلا وآذنت بهلاكه، تساعد على الإثم
والعدوان، تقدم السفيه الخامل، وتبعد المجد العامل، وتجعل الحق باطلاً، والباطل
حقا، كم ضيعت من حقوق، وأهدرت من كرامة، ورفعت من لئيم، وأهانت من كريم، فهي داء
وبيل، ومرض خطير.
كم من تقي أهين وضيع حقه عند موظف لئيم؛ لأنه لم يدفع له رشوة، وكم من فاسق قدم على غيره وأعطي مطلبه وإن كان باطلاً لأنه دفع الرشوة، ولوث المجتمع برجسها، فاستحق لعنة الله ومقته، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرشوة ثلاثة: «الرَّاشِيَ» وهو الذي يعطي
([1]) أخرجه: الحاكم رقم (7069).