×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

ما ظهر الربا والزنا في قوم إلا ظهر فيهم الفقر والأمراض المستعصية وظلم السلطان، والربا يهلك الأموال، ويمحق البركات، قال تعالى:﴿يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ [البقرة: 276].

عباد الله، لقد شدد الوعيد على آكل الربا، وجعل أكله من أفحش الخبائث، وأكبر الكبائر، وبين عقوبة المرابي في الدنيا والآخرة، وأخبر أنه محارب له ولرسوله، فعقوبة الربا في الدنيا أنه يمحق بركة المال، ويعرضه للتلف والزوال، حتى يصبح صاحبه من أفقر الناس، وكم تسمعون من تلف الأموال العظيمة بالحريق والغرق والفيضان فيصبح أهلها فقراء بين الناس. وإن بقيت هذه الأموال الربوية بأيدي أصحابها، فهي ممحوقة البركة لا ينتفعون منها بشيء، وإنما يقاسون أتعابها، ويتحملون حسابها، ويصلون عذابها، المرابي مبغض عند الله وعند خلقه، لأنه يأخذ ولا يعطي، يجمع ويمنع، لا ينفق ولا يتصدق، شحيح جشع، جموع منوع، تنفر منه القلوب، وينبذه المجتمع، وهذه عقوبات عاجله.

وأما عقوبته الآجلة فهي أشد وأبقى: قال الله تعالى في بيان ما يلاقيه المرابي عند قيامه من قبره للحشر والنشور:﴿ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ [البقرة: 275]، وذلك أن الناس إذا بعثوا من قبورهم، خرجوا مسرعين إلى المحشر، كما قال ﴿يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا [المعارج: 43] إلا آكل الربا، فإنه يقوم ويسقط كحالة المصروع الذي يقوم ويسقط بسبب الصرع؛ لأن أكلة الربا في الدنيا تكبر بطونهم، بسبب تضخم الربا فيها، فكلما قاموا سقطوا؛ لثقل بطونهم، وكلما هموا بالإسراع مع الناس تعثروا وتأخروا؛ عقوبة وفضيحة


الشرح