لهم، وفي حديث الإسراء: أن النبي صلى الله عليه
وسلم رأى رجلاً يسبح في نهر من الدم، وكلما جاء ليخرج من هذا النهر استقبله رجل
على شاطئ النهر وبين يديه حجارة يرجمه بحجر منها في فمه، حتى يرجع حيث كان، فسأل
عنه، فأخبره أنه آكل الربا. وروى ابن ماجه والبيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: «الرِّبَا سَبْعُونَ حُوبًا، أَهْوَنُهَا كَوُقُوعِ الرَّجُلِ عَلَى
أُمِّهِ» ([1]) وفي رواية: «أَهْوَنُهَا
كَالَّذِي يَنْكِحُ أُمَّهُ» ([2]) والحوب: الإثم.
أيها المسلمون، إن الربا حرام في
جميع الشرائع السماوية؛ قال الله تعالى في حق اليهود: ﴿فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ
لَهُمۡ وَبِصَدِّهِمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرٗا ١٦٠ وَأَخۡذِهِمُ ٱلرِّبَوٰاْ وَقَدۡ نُهُواْ عَنۡهُ وَأَكۡلِهِمۡ
أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ مِنۡهُمۡ عَذَابًا
أَلِيمٗا ١٦١﴾ [النساء: 160، 161].
ومع هذا الوعيد الشديد على أكل الربا، فإن كثيرًا من الناس لا يبالون في جمع المال من أي طريق، لا يهمهم إلا تضخيم الثروة وتكديس الأموال، فالحرام عندهم ما تعذر عليهم أخذه، والحلال في عرفهم ما تمكنوا من تناوله من أي طريق، وهذا يدل على عدم خشية الله في قلوبهم، وإعراضهم عن دينهم، وإذا وصلت حال المجتمع إلى هذا المستوى فعقوبته قريبة، ولا خير في حياة تبنى على هذا النظام، ولا في كسبٍ موردة حرام، إن مالاً يجمع من حرام كالمستنقع المجتمع من الماء النجس القذر، يتأذى من نتن ريحه كل من قرب منه أو مر عليه.
([1])أخرجه: البزار رقم (8538)، والبيهقي في ((الشعب)) رقم (5522)،