عباد الله: ومن مقتضى شهادة أن
لا إله إلا الله: أن تقيم الصلاة، فإنها الركن الثاني بعد الشهادتين، قال الله
تعالى: ﴿فَإِن تَابُواْ
وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ
غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [التوبة: 5].
ومن مقتضى شهادة أن
لا إله إلا الله أن تؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً،
وتفعل الواجبات الدينية، وتترك المحرمات، فقد قاتل الصحابةُ بقيادة أبي بكر الصديق
رضي الله عنه من منع الزكاة مع أنهم يقولون: لا إله إلا الله، وقال الصحابة: إن
الزكاة من حق لا إله إلا الله. قيل للحسن البصري رحمه الله: «إِنَّ أُنَاسًا
يَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، قَالَ:
«مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَأَدَّى حَقَّهَا وَفَرْضَهَا دَخَلَ
الْجَنَّةَ». وقال وهب بن منبه لمن سأله: «أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ
مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلاَّ لَهُ
أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلاَّ لَمْ
يُفْتَحْ لَكَ».
عباد الله: وكما أن الشرك
الأكبر يناقض لا إله إلا الله وينافيها، كذلكم سائر المعاصي التي هي دون الشرك
تنقص مقتضى هذه الكلمة وتقلل من ثوابها، بحسب الذنب الذي يصدر من العبد، ومطلوب من
المسلم أن يقول: لا إله إلا الله، ويعلم معناها، ويعمل بمقتضاها ظاهرًا وباطنًا،
ويستقيم عليها، قال تعالى: ﴿وَلَا
يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ
وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [الزخرف: 86]، ﴿شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ﴾ أي: قال ﴿وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ بقلوبهم ما نطقت به
ألسنتهم من تلك الكلمة.
فاتقوا الله عباد الله، واعرفوا معنى هذه الشهادة، واعملوا بمقتضاها، فليس المقصود منها مجرد النطق بها من غير فهم معناها