لا يستحق العبادة إلا الله، وأن كل معبود سواه باطل ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾ [الحج: 62]، ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: أن تُفرِدَ الله بالعبادة فلا تعبد معه غيره، فإذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، فقد أعلنت البراءة من كل معبود سوى الله، والتزمت بعبادة الله وحده، وفِعلِ ما أمر به وترك ما نهى عنه؛ ولذلك لما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين: «قُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ تُفْلِحُوا» ([1]) فهموا من ذلك أنه يطلب منهم عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، فامتنعوا من أن يقولوا هذه الكلمة واستنكروها، وقالوا:﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ ٥ وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ ٦مَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ ٧﴾ [ص: 5 - 7]. هذا معنى: ﴿لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾، جَعْلُ الآلهة إلهًا واحدًا، وترك عبادة ما سواه، وقد فهمه المشركون لأنهم عرب فصحاء، وعبَّادُ القبور اليومَ لا يفهمون معنى ﴿لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾، ولا يعملون بمقتضاها؛ فلذلك يقولون لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾ ويعبدون الموتى، فالمشركون الأولون أعلم منهم بمعنى لا إله إلا الله، وأعلم منهم بمقتضاها، هؤلاء القبوريون يقولون، لا إله إلا الله، ويقولون مع ذلك: «يا عليُّ!». «يا حسين!». يا عبد القادر. ينادون الموتى ويستغيثون بهم في قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، ويطوفون بقبورهم ويذبحون لهم، فما معنى لا إله إلا الله عند هؤلاء؟ وما فائدتها؟ إنهم قوم لا يعقلون ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ﴾ [التوبة: 67] ﴿زُيِّنَ لَهُمۡ سُوٓءُ أَعۡمَٰلِهِمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [التوبة: 37].
([1]) أخرجه: أحمد رقم (16023)، وابن خزيمة رقم (159)، والحاكم رقم (39).