وأثمرت هذه الحركة
الإصلاحية للمسلمين خيرًا كثيرًا، حيث تربت عليها أجيال على عقيدة التوحيد الخالص،
وعُمرت مساجد المسلمين بتدريس العلوم النافعة فخرَّجت أفواجًا من العلماء
العاملين، وتركت رصيدًا نافعًا من الكتب في الأصول والفروع.
لقد عاشت هذه البلاد
في ظل هذه الدعوة المباركة آمنةً مطمئنةً، تُدرَّس فيها العلوم النافعة، يُحكم
فيها بكتاب الله وسنة رسوله، تُقام فيها الحدود، يُؤمر فيها بالمعروف وينهى عن
المنكر، سليمة في عقيدتها، نزيهة في معاملاتها، لا شركيات ولا خلافات، ولا بدع ولا
رياء، ولا تزال بحمد الله على ذلك، ونسأل الله لها الثبات على الحق والمزيد من
الفضل.
ولكن في زماننا هذا انفتح على هذه البلاد أبواب كانت مغلقة نخشى أن تؤثر عليها فتقع فيما وقعت فيها البلاد الأخرى، فتغير نعمة الله فيغير الله عليها، فقد ازدهرت الدنيا عندنا، وفاض المال في أيدي الكثير منا فتداعت علينا الأمم، وتوافدت علينا أنواع من البشر بعاداتها وتقاليدها الفاسدة، وعقائدها المنحرفة، ولا أقول: كل الوافدين بهذه الصفات ولكن الكثير منهم، ولا بد أن يكون لهم تأثير سيئ على أهل هذه البلاد في عقائدهم وأخلاقهم، فمن هؤلاء الوافدين من هو كافر لا دين له، ومنهم من هو مسلم متساهل، والقليل منهم مسلم متمسك بدينه، وقد خالطونا في بيوتنا ومتاجرنا ومكاتبنا ومدارسنا، وكان الواجب أن نؤثر عليهم بدعوتهم إلى الخير وتوجيههم إلى الإصلاح، ولكن الواقع بالعكس، فصار التأثير منهم علينا، تساهلنا في المنكرات، وتكاسلنا عن الواجبات، وتعامل بعضنا بالربا والمكاسب المحرمة، تناول بعضنا المسكرات والمخدرات،