ويزيح عنها كل شر، واختار الله له أنصارًا
وأعوانًا هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبرأ الناس قلوبًا، وأغزرهم
علمًا، وأقلهم تكلفًا، فجاهدوا في الله حق جهاده، ونشروا هذا الإسلام في مشارق
الأرض ومغاربها حتى أظهره الله على الدين كله، فأخمد به نار المجوسية القذرة، ودحر
به كبرياء اليهودية المتغطرسة، وكشف به ضلالات النصرانية التائهة، وحطم أصنام
الوثنية الهمجية، وملأ الأرض عدلاً، والقلوب فقهًا وخشيةً ورحمةً وإيمانًا، وخرَّج
قادةً وسادةً وأحبارًا فتحوا البلاد بالجهاد، والقلوب بالعلم والحكمة، وفجَّروا
ينابيع العلم من كتاب الله وسنة رسوله، حتى ملأوا مدارس العالم ومكاتب الدنيا
بعلومهم ومؤلفاتهم، مما لم يعرف العالم له نظيرًا من سائر الأديان. هذا هو دين
الإسلام الذي شهد الله له بالكمال فقال تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ
نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ ً﴾ [المائدة: 3].
عباد الله: وماذا كان موقف الشيطان وحزبه من هذا الدين، الذي عطل مسيرتهم وخلص الناس من أسرهم وعبوديتهم؟ لقد وقف الشيطان وحزبه من هذا الدين -ولا يزالون يقفون- موقف العدو اللدود، واستخدموا كل ما يملكون من الوسائل للقضاء عليه، أو للصد عنه أو لتشويهه، حاربوه فانتصر عليهم، وحاولوا محاصرته في بلده ومنع انتشاره، فاكتسح كل الحواجز والسدود، وامتد نوره في المشارق والمغارب، فاعتنقته القلوب السليمة والفطر المستقيمة؛ لأنه دين الفطرة الذي يلائم كل زمان ومكان. حاولوا الدس فيه وإلقاء الشبه على تشريعاته وأحكامه، فانكشف تزييفهم، وارتدت سهامهم في نحورهم، وبقي هذا الدين غضًّا طريًّا كما أُنزل. لجئوا إلى طريقة المخادعة،