﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ
وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ﴾ [الملك: 12]، وقال تعالى: ﴿مَّنۡ
خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ﴾ [ق: 33]. وهذا بخلاف
المنافق فإنه يُظهِر الطاعة والإيمان إذا كان مع الناس، أما إذا خلا فإنه يكفر
بربه؛ قال تعالى﴿وَإِذَا
لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ
شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ﴾ [البقرة: 14].
والإيمان بالغيب
يتميز به الإنسان العاقل عن الإنسان البهيمي الذي لا يؤمن إلا بالمحسوس المُشاهد،
وذلك الإيمان البهيمي ليس فيه ميزة للإنسان عن الحيوان، ولا ينفع صاحبه؛ قال
تعالى: ﴿فَلَمَّا
رَأَوۡاْ بَأۡسَنَا قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥ وَكَفَرۡنَا بِمَا
كُنَّا بِهِۦ مُشۡرِكِينَ ٨ فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ
إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي
عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٨٥﴾ [غافر: 84، 85]، وفرعون لما أدركه
الغرق قال: ﴿قَالَ
ءَامَنتُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱلَّذِيٓ ءَامَنَتۡ بِهِۦ بَنُوٓاْ
إِسۡرَٰٓءِيلَ وَأَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾ [يونس: 90]، قال الله تعالى: ﴿ءَآلۡـَٰٔنَ وَقَدۡ
عَصَيۡتَ قَبۡلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ [يونس: 91]. فهذا حكم الله في
كل من تاب عند معاينة العذاب أنه لا يُقبَلُ، ولهذا جاء في الحديث: «إِنَّ
اللهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» ([1]) أي: فإذا غرغر، بأن بلغت الروح الحنجرة وعاين
الملك، فلا توبة حينئذ تُقبَل.
فاتقوا الله عباد الله. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ ٥ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ٦﴾ [فاطر: 5، 6]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
***
([1]) أخرجه: أحمد رقم (6160)، وأبو يعلى رقم (5609)، وعبد بن حميد رقم (847).
الصفحة 4 / 441