عباد الله: ومن الإيمان بالغيب
أن يعمل المؤمن بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم ويطيعه وهو لم يره، فقد قال جماعة
من الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: أي قوم أعظم منا أجرًا، آمنا بالله
واتبعناك؟! قال: «مَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يَأْتِيَكُمْ بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ
قَوْمٌ يَأْتُونَ بَعْدَكُمْ يَأْتِيهُمْ كِتَابٌ بَيْنَ لَوْحَيْنِ فَيُؤْمِنُونَ
بِهِ وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ؛ أُولَئِكَ أَعْظَمُ مِنْكُمْ أَجْرًا» ([1]) مرتين. وقد ورد أن المتمسك بدينه عند ظهور الفتن
له أجر خمسين من الصحابة؛ فعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه سأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا
يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَيۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [المائدة: 105]، فقال صلى الله
عليه وسلم: «بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ،
حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ
ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ،
فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى
الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ
عَمَلِكُمْ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ
مِنْهُمْ؟ قَالَ: «بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنْكُمْ» ([2]). وعن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُتَمَسِّكُ بِسُنَّتِي
عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» ([3]).
عباد الله: والإيمان بالغيب يشمل أيضًا الذي يطيع الله ويخلص العمل له، سواءٌ كان مع الناس أو كان منفردًا خاليًا؛ قال تعالى:
([1]) أخرجه: الطبراني في « الكبير » رقم (3540)، وابن أبي عاصم في « الآحاد والمثاني » رقم (2136).