وَيُدْخَلَ
الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ
الآْخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»([1]).
فهذه الأحاديث وما
جاء بمعناها تدل على أن المؤمن يسره ما يسر أخاه ويحزنه ما يحزنه، ويريد لأخيه
المؤمن ما يريد لنفسه من الخير، وهذا إنما يأتي مع سلامة المسلم من الغش والغل
والحسد، فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في نعمة أو يساويه فيها؛
لأنه يحب أن يمتاز على الناس وينفرد عنهم بالنعمة، والإيمان يقتضي خلاف ذلك، وهو
أن يشاركه المؤمنون كلهم في مثل ما أعطاه الله من الخير من غير أن ينقص عليه منه
شيء، وقد مدح الله تعالى في كتابه من هذه صفته، من كانوا لا يريدون علوًا في الأرض
ولا فسادًا؛ فقال تعالى:﴿تِلۡكَ
ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83]، قال عكرمة وغيره في هذه الآية: العلو في الأرض:
التكبر وطلب الشرف والمنزلة عند السلطان، والفساد: العمل بالمعاصي. وقال تعالى في
مدح المؤمنين أيضًا: ﴿وَٱلَّذِينَ
جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا
ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [الحشر: 10].
فمن صفات المؤمنين سلامة قلوبهم وألسنتهم لإخوانهم المؤمنين السابقين واللاحقين، والثناء عليهم والدعاء لهم بالمغفرة مع الدعاء لأنفسهم، ولا سيما السابقون الأولون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فمن وجد في نفسه بغضًا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تنقصهم فليس بمؤمن، وقد قال
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1844).