احتقارهم. فقد بين
صلى الله عليه وسلم أن التجمل في الهيئة واللباس أمر محبوب عند الله وليس هو
الكبر، وإنما الكبر صفة باطنه في القلب تظهر آثارها في تصرفات الشخص، فتحمله على
عدم قبول الحق وعلى احتقار الناس، فإبليس لما تكبر على آدم حمله ذلك على أن امتنع
من امتثال أمر ربه بالسجود له، وهو الذي حمل الكفار على مخالفة الرسل لما جاءوهم
بالآيات البينات ﴿وَجَحَدُواْ
بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ [النمل: 14].
والكبر يمنع
المستكبر من أن يدعو ربه ويعبده؛ قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ
يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]. والكبر: هو الذي
يحمل بعض الناس الذين أعطوا شيئَا من الثروة أو الرئاسة على ترك الصلاة في
المساجد، فترى المسجد إلى جانب بيت أحدهم أو قريبًا منه، ويسمع الأذان كل وقت، فلا
يدعه الكبر يذهب إلى المسجد، ويقف بين يدي ربه مع المصلين؛ لأنه يرى نفسه أكبر من
ذلك.
والكبر هو الذي يحمل
بعض الناس على ترك العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما روى مسلم عن سلمة بن
الأكوع رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم بِشِمَالِهِ. فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ» قَالَ: لاَ أَسْتَطِيعُ.
قَالَ: «لاَ اسْتَطَعْتَ. مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ» قَالَ: فَمَا
رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ ([1]).
والكبر: هو الذي يمنع من تعلم العلم النافع، كما قال بعض السلف: إن هذا العلم لا يناله مستح ولا مستكبر. والكبر: هو الذي يحمل بعض الناس على إسبال ثيابه تحت الكعبين والتبختر في مشيته؛
([1]) أخرجه: مسلم رقم (91).