ففي الحديث المتفق
على صحته عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَمَا
رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ
خَسَفَ اللهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلَّلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»([1]).
عباد الله: إن التكبر عن الحق،
والتكبر على الخلق، يوجبان أنواعًا من العقوبات العاجلة والآجلة، ومن أعظم ذلك أن
المستكبر يصرف قلبه عن الهدى؛ قال تعالى: ﴿سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَايَٰتِيَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ
بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ﴾ [الأعراف: 146]. وقال تعالى: ﴿كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [الأعراف: 101]، ﴿كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ
عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ﴾ [غافر: 35] ([2])، وفي «الصحيحين» أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لَمْ
يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([3])، وقال: «يُحْشَرُ
الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ،
يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ» ([4]).
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: من كانت معصيته في شهوة فارج له التوبة؛ فإن آدم عليه السلام عصى مشتهيًا فغفر له لما تاب، فإذا كانت معصيته من كبر فاخش عليه اللعنة؛ فإن إبليس عصى مستكبرًا فلعن. وكيف لا تعظم آفة الكبر وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» ([5]) وإنما صار الكبر حجابًا دون الجنة؛ لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين؛ لأن صاحبه لا يقدر أن يحب