إن المبتدع معاند
لله مشارك له؛ لأن الله حدد الطرق الموصلة إلى الخير وحصرها، وهذا المبتدع يريد أن
يزيد عليها أو ينقص منها، فجعل نفسه شريكًا لله في تشريعه، وكفى بذلك ضلالاً
وإثمًا مبينًا، والله أمر باتباع ما شرعه، فأبى المبتدع ذلك واتبع هواه بغير هدىً
من الله.
عباد الله: كنا في هذه البلاد
في عافية من كثير مما وقع فيه الناس من البدع، ولكن لما تسهلت وسائل النقل، وتوفرت
وسائل الإعلام، ووفد إلى بلادنا كثير ممن نشئوا على البدع، وربما جاءوا ببدعهم
يزاولونها عندنا، فربما يشتبه الأمر على كثير من عوامنا فوجب التنبيه على تلك
البدع في أوقاتها، حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه.
ومن هذه البدع ما يفعل في شهر رجب من العادات الجاهلية، والأمور البدعية التي يزعم مرتكبوها أن لشهر رجب خاصية على غيره، وليس الأمر كذلك، فإن شهر رجب أحد الأشهر الحرم، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل شهر رجب قال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ» ([1])، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل رجب حديث، بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها كذب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد أحدث الناس في هذا الشهر عبادات لم يشرعها الله ولا رسوله، من ذلك تعظيم أول خميس منه وليلة أول جمعة منه، فإن تعظيم هذا اليوم وتلك الليلة من رجب إنما حدث في الإسلام بعد المائة الرابعة، والحديث المروي في ذلك كذب باتفاق العلماء، ولا يجوز تعظيم هذا اليوم؛ لأنه مثل غيره من الأيام.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (2346)، والطبراني في « الأوسط » رقم (3939).