شهر رمضان بشكل
ملحوظ نتيجة لمنع الشيطان من مزاولة إضلال العباد، ففي هذا الشهر المبارك انتصار
المسلمين الصائمين على عدوهم الشيطان وتخليصهم من أسره، وقد يكون خلاصًا إلى
الأبد.
أيها المسلمون: لقد أوصانا النبي
صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر أن نستكثر من أربع خصال: خصلتان نرضي بهما ربنا،
وخصلتان لا غنى لنا عنهما، أما الخصلتان اللتان نرضي بهما ربنا، فشهادة أن لا إله
إلا الله والاستغفار، وأما الخصلتان اللتان لا غنى لنا عنهما، فنسأل الله الجنة،
ونعوذ به من النار.
عباد الله: من مر عليه هذا
الشهر، ولم يستفد منه مغفرة ذنوبه، وتكفير خطاياه، فهو عبد شقي بعيد من الله، فقد
صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: «آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ»
فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: «آمِينَ،
آمِينَ، آمِينَ؟» قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ
شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ،
قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ...» الحديث ([1]). فمن الأشقياء من
لا يكف عن المعاصي في هذا الشهر، ولا يشعر له بحرمة، ولا ينتبه لإنقاذ نفسه من
النار. ومنهم من يترك المعاصي في هذا الشهر تركًا مؤقتًا، لا ترك توبة وندم، بل في
عزمه ونيته مزاولة المعاصي، فهذان إنما يزيدان بدخول رمضان بعدًا من الله، وهما
سائران في طريقهما إلى النار إن لم يتوبا.
وأما المؤمن الذي انتبه لنفسه، وتاب إلى الله في هذا الشهر توبة صادقة، واستدرك أمره فاستغل خيرات هذا الشهر، فهو الذي يحصل
([1])أخرجه: أبو يعلى رقم (5922)، والحاكم رقم (7256)، وابن خزيمة رقم (1888).