أن المؤمنين يبتلون
بعدوهم من الكفار والمنافقين، فإذا صبروا وثبتوا على دينهم وجاهدوا كانت لهم
العاقبة الحميدة والنصر على عدوهم، فإن فرعون لما هدد المؤمنين بقوله فيما حكاه
الله عنه: ﴿سَنُقَتِّلُ
أَبۡنَآءَهُمۡ وَنَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡ وَإِنَّا فَوۡقَهُمۡ قَٰهِرُونَ﴾ [الأعراف: 127] - قابل موسى عليه
السلام هذا الموقف بحث المؤمنين على الاستعانة بالله والصبر على الابتلاء، ووعدهم
بنصر الله، كما ذكر الله ذلك عنه بقوله: ﴿قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱللَّهِ وَٱصۡبِرُوٓاْۖ
إِنَّ ٱلۡأَرۡضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَٱلۡعَٰقِبَةُ
لِلۡمُتَّقِينَ ١٢٨ قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا
جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ
فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ ١٢٩﴾ [الأعراف: 128، 129].
واستمرت الجولات بين
الحق والباطل، وفي النهاية أمر الله نبيه وكليمه موسى عليه السلام أن يخرج بمن معه
من المؤمنين من أرض مصر فرارًا بدينهم، فجمع فرعون جنوده وكيده وقوته، وخرج في
أثرهم ليبطش بهم، وقال محقرًا لشأنهم: ﴿إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَشِرۡذِمَةٞ قَلِيلُونَ ٥٤ وَإِنَّهُمۡ لَنَا
لَغَآئِظُونَ ٥ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ
حَٰذِرُونَ ٥٦﴾ [الشعراء: 54- 56].
وعندما أدركهم على
ساحل البحر اشتد الكرب بالمؤمنين، وظنوا أنه أدركهم، وأنه سينفذ غضبه وبطشه الذي
كانوا يعهدونه من قبل، وقالوا: ﴿إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ﴾ [الشعراء: 61]، عند ذلك طمأنهم كليم الله ورسوله بقوله: ﴿قَالَ كَلَّآۖ إِنَّ
مَعِيَ رَبِّي سَيَهۡدِينِ﴾ [الشعراء: 62] أي: لا يدركونكم، لأن معي ربي سيدلني ويوفقني
لطريق النجاة.
وتحقق لهم وعد الله على لسان رسوله، وفلق البحر لهم طرقًا يابسةً، فلما جاوزوه ودخله فرعون وقومه عاد إلى حالته، وأطبق عليهم