فرد الله على هؤلاء
بأن ما يصيبهم من العقوبات والمكاره إنما هو بقضاء الله وقدره وبسبب ذنوبهم: ﴿أَيۡنَمَا تَكُونُواْ
يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ
وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ
عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا ٧٨ مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ وَأَرۡسَلۡنَٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولٗاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا ٧٩﴾ [النساء: 78، 79]، وهذا من انتكاس فطرهم، حيث
اعتقدوا الشر بمن هو مصدر الخير والصلاح.
عباد الله: ومن التشاؤم والتطير ما كان يعتقده أهل الجاهلية في شهر صفر أنه شهر مشؤوم، فيمتنعون فيه عن مزاولة الأعمال المباحة التي كانوا يزاولونها في غيره، فأبطل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لاَ عَدْوَى، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ» ([1]). وهو نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض تعدي بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، والله تعالى يقول: ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآ﴾ [الحديد: 22]. وقوله صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ هَامَةَ» الهامة: البومة، ومعناه نفي ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه فيها أنها إذا وقعت على بيت أحدهم يتشاءم ويقول: نعت إليَّ نفسي أو أحدًا من أهل داري، فيعتقد أنه سيموت هو أو بعض أهله تشاؤمًا بهذا الطائر، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأبطله، ومعني قوله صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ صَفَرَ» على الصحيح أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بشهر صفر، ويقولون: إنه شهر مشؤوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وبين أنه لا تأثير له، وإنما هو كسائر الأوقات التي جعلها الله فرصة للأعمال النافعة، وهذا الاعتقاد الجاهلي لا يزال في بعض الناس إلى اليوم، فمنهم من يتشاءم بصفر، ومنهم من يتشاءم
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5380).