ما أصابكم مما تكرهون؛ إنما هو بسبب ذنوبكم
وبسوء عمل الإنسان لا بشؤم الزمان والمكان. ومن تشاءم بشهر من الشهور، أو يوم من
الأيام، أو ساعة من الساعات، أو سبَّ شيئًا من ذلك فإنه يسب الله تعالى ويؤذيه،
كما في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «قال
الله تعالى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» ([1])، وفي رواية: «لاَ
تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ» ([2]). قال الإمام البغوي
رحمه الله في شرح السنة: ومعناه أن العرب كان من شأنها ذم الدهر -أي سبه- عند
النوازل؛ لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره، فيقولون:
أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد
سَبُّوا فاعلها، فكان مرجع سبها إلى الله عز وجل، إذ هو الفاعل في الحقيقة، وما
يجري في الدهر من خير أو شر فهو بإرادة الله، الخير تفضل من الله، والشر بسبب ذنوب
العباد ومعاصيهم.
أعوذ بالله من
الشيطان الرجيم: ﴿أَيۡنَمَا
تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ
وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ
عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا ٧٨ مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ وَأَرۡسَلۡنَٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولٗاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا ٧٩ مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ
فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا ٨٠﴾ [النساء: 78- 80]. بارك الله لنا في القرآن
العظيم.
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4549)، ومسلم رقم (2246).
الصفحة 5 / 441