×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

أما من يأخذ الدنيا من الوجوه المباحة، ويستعين بها على طاعة الله، ولا تحمله على الكبر، فإنه مثاب مأجور «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ» ([1]). وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَِرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلاَ يَعْلَمُ لِلهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ» ([2]).

أيها المسلمون: كثير من الناس اليوم شغلتهم الدنيا عن الآخرة، فمنهم من اشتغل بجمع الأموال وتنميتها، وضيع ما أوجب الله عليه من الصلوات والعبادات، ومنهم من اشتغل بالتمتع بها، وإعطائه نفسه ما تشتهي من ملاذها وشهواتها فأترف فيها، ونسي الآخرة، وصار يكره ذكرها ويستثقل الحديث عنها، وهؤلاء يعتبرون التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة من باب التغفيل لتمكن الدنيا من قلوبهم وغفلتهم عن الآخرة.

فاتقوا الله عباد الله، واستعدوا للقاء الله.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (17763)، وابن حبان رقم (3210).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2325)، وأحمد رقم (18031).