بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ
عَلَيۡكَ حَسِيبٗا ١٤﴾ [الإسراء: 13، 14]، وتارة يخبرنا أن الإنسان
يعمل لنفسه لا لغيره، قال تعالى: ﴿مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ﴾ [فصلت: 46]، ﴿مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا
يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ﴾ [الإسراء: 15].
عباد الله: وليس أمام الإنسان
فرصة للعمل إلا حياته في هذه الدنيا، فاليوم عمل ولا حساب وغدًا حساب ولا عمل،
وعمر الإنسان قصير، وأجله غائب لا يدري في أي ساعة يقدم، وإذا قدم لا يقبل التأخير
﴿فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ
لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34]. وهذه الأيام التي تعيشها -أيها الإنسان- في هذه
الدنيا فرصة نفيسة لا تقدر بثمن، وإن عرفت قيمتها وحفظتها فيما ينفعك فستثمر لك
سعادة دائمة، وإن ضيعتها في اللهو والغفلة فستثمر لك خسارة دائمة، فالذين حفظوا
حياتهم الدنيوية بالعمل الصالح يقال لهم يوم القيامة: ﴿كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيَٓٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ
ٱلۡخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: 24]، والذين ضيعوا أوقاتهم في هذه الدنيا باللهو واللعب والغفلة يقال لهم: ﴿أَذۡهَبۡتُمۡ
طَيِّبَٰتِكُمۡ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنۡيَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡيَوۡمَ
تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ
بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ﴾ [الأحقاف: 20].
عباد الله: إن المعوقات عن العمل الصالح كثيرة تحتاج إلى مقاومة وجهاد، من ذلك النفس الأمارة بالسوء، ومن ذلك الشيطان وجنوده، ومن ذلك الشهوات والشبهات، فمن استعان بالله وتوجه إلىه العمل الصالح، أعانه الله على التغلب على هذه المعوقات فانهزمت واندحرت أمامه، ومن استسلم لهذه المعوقات، وتكاسل عن العمل الصالح تغلبت عليه، وضاعت الفرصة من يده بانتهاء عمره وحضور