×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

 وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَِخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ» ([1]).

وثاني هذه التوجيهات الربانية: بيان افتقار العباد إلى الله عز وجل في هدايتهم من الضلالة، وإطعامهم من الجوع، وكسوتهم من العري، ومغفرة ذنوبهم، وأمرهم بطلب هذه الأمور على وجوب إفراده بالعبادة، فقال إبراهيم عليه السلام لقومه: ﴿قَالَ أَفَرَءَيۡتُم مَّا كُنتُمۡ تَعۡبُدُونَ ٧ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُمُ ٱلۡأَقۡدَمُونَ ٧ فَإِنَّهُمۡ عَدُوّٞ لِّيٓ إِلَّا رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٧٧ ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهۡدِينِ ٧ وَٱلَّذِي هُوَ يُطۡعِمُنِي وَيَسۡقِينِ ٧ ا وَإِذَا مَرِضۡتُ فَهُوَ يَشۡفِينِ ٨ وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحۡيِينِ ٨ وَٱلَّذِيٓ أَطۡمَعُ أَن يَغۡفِرَ لِي خَطِيٓ‍َٔتِي يَوۡمَ ٱلدِّينِ ٨ [الشعراء: 75- 82]، فإن من تفرد بخلق العبد وهدايته ورزقه وإحيائه وإماتته ومغفرة ذنوبه في الآخرة، مستحق أن يفرد بالعبادة والسؤال والتضرع.

وثالث هذه التوجيهات الربانية: بيان أن العباد لا يقدرون أن يوصلوا إلى الله نفعًا ولا ضرًا، فإن الله تعالى غنيٌ حميد، لا حاجة له بطاعات العباد، ولا يعود نفعها إليه، وإنما يعود نفعها إليهم هم، ولا يتضرر بمعاصيهم، وإنما هم يتضررون بها، قال تعالى: ﴿مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۚ [الإسراء: 15]، وقال: ﴿إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ [الزمر: 7] ([2]) ،﴿ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٌ [فاطر: 7]. فهو سبحانه مع غناه عن عباده يحب منهم أن يطيعوه ليثيبهم، وأن يستغفروه من ذنوبهم ليغفر لهم تفضلاً منه


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6169).

([2])  استبدال من طبعة دار المعارف.