هذه نعم ظاهرة يبينها الله لك لتشكره عليها، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ تَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، قَالَ: وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» ([1]). والسُلامى هي العظم، وفي جسم ابن آدم ثلاثمائة وستون عظمة، يظهر منها مائتان وخمسة وستون عظمة والباقية صغار لا تظهر، والحديث يدل على أن تركيب هذه العظام وسلامتها من أعظم نعم الله على عبده، فيحتاج كل عظم منها إلى صدقة يتصدق بها عنه يوميًا؛ ليكون ذلك شكرًا لهذه النعمة. ولما كان ذلك يستدعي صدقات كثيرة بعدد العظام، وقد لا يستطيع العبد الوفاء بهذه الصدقات سهل الله له طرق الخير وفتح له أبواب البر، فجعل بكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل أمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، والعدل بين اثنين صدقة، وإعانة الرجل في إركابه على دابته أو حمل متاعه عليها صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يمشيها لأداء الصلاة مع الجماعة صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، ويجزي من ذلك كله ركعتان من الضحى يركعهما، وإنما كانت الركعتان مجزئتين عن ذلك كله؛ لأن الصلاة استعمال للأعضاء كلها في الطاعة والعبادة، فتكون كافية في الشكر على نعمة الله بهذه الأعضاء؛ لأن الصلاة تحتوي على الحمد والشكر والثناء على الله.
([1]) أخرجه البخاري رقم (2827)، ومسلم رقم (1009).