×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

 وروى الترمذي وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ -يَعْنِي العَبْدَ مِنَ النَّعِيمِ- أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، وَنُرْوِيَكَ مِنَ المَاءِ البَارِدِ» ([1]). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: النعيم الأمن والصحة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَتُسۡ‍َٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ [التكاثر: 8] قال: النعيم هو صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل الله العباد فيم استعملوها؟ وهو أعلم بذلك منهم، وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡ‍ُٔولٗا [الإسراء: 36]ـ

عباد الله: من أراد أن يعرف نعمة الله بالصحة فلينظر إلى المصابين بالأمراض، فقد الأعضاء أو تشويهها، ليذهب إلى المستشفيات، فيرى كم من مريض يئن، وجريح مثخن، ويرى كم فاقد للسمع والبصر، وكم ممن يتمنى هجعة من نوم، أو هدأة من وجع، حتى يعرف قدر نعمة الله عليه؛ وبضدها تتميز الأشياء.

روى أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن غنام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ، أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ» ([2]). فعليكم بهذا الدعاء في كل صباح وفي كل مساء؛ لأن فيه اعترافًا بنعمة الله، وذلك يحمل العبد على العمل بطاعة الله ليلاً ونهارًا.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3358)، والحاكم رقم (7203).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (5073)، والبيهقي في « الشعب » رقم (4368).