المال وسعة السلطان والتمكين في الأرض ما لا
يخطر على البال، فلما عصوا ربهم وعتوا عن أمره قُطِعَ دابرهم وأهلكهم عن آخرهم ﴿فَتِلۡكَ
بُيُوتُهُمۡ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ﴾ [النمل: 52].
وعقوبات الذنوب
تتنوع، فقد تكون عامةً للمجتمعات، تهلك العباد، وتخرب البلاد، كما حل في الأمم
الكافرة من قوم نوح، ومن بعدهم من القرون ما تقرؤون خبره في كتاب الله.
وقد تكون العقوبة خاصةً بقبيلة أو أسرة أو شخص، كما تشاهدون فيما بينكم، وتسمعون فيمن حولكم من وقوع العقوبات المفاجئة، والكوارث المروعة، من زلازل مدمرة تجتاح الأقاليم؛ فتهلك الألوف من النفوس، وتشرد آخرين، فيبقون بلا مأوى ولا طعام ولا شراب، وتخرب المباني؛ فتصبح المدن خاوية على عروشها، ومن حروب طاحنة تهلك الحرث والنسل، ترمل النساء، وتيتم الأطفال، وتحل الرعب في القلوب، ومن فيضانات تغرق الحروث والزروع، وتقضي على المحاصيل، وآفات تصيب الثمار والحبوب؛ فتفسدها وتعطل إنتاجها، وحرائق تلتهم المخزونات، وتتلف البضائع والنقود التي أحرزها أهلها في المستودعات والصناديق، وظنوا أنهم قادرون عليها، وحوادث المراكب البرية والبحرية والجوية وما أكثرها، فهذه باخرة تغرق بمن فيها، وهذه طائرة تسقط فيهلك فيها المئات، وهذه سيارة تصاب فيها العشرات، وبيوت تنهدم على من فيها، فلا ينجو إلا القليل، وقد يكونون اجتمعوا لاحتفال بمناسبة، وأظهروا الفرح والسرور، وفعلوا شيئًا من المحظور؛ فحلت بهم العقوبة، ونزلت بهم المصيبة، فتحول سرورهم إلى حزن، واجتماعهم إلى فرقة، لعله يحصل بذلك عبرة وعظة للآخرين، فالسعيد من وعظ بغيره.