×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

 وظهر نقصانه، فقد رُد إلى أرذل العمر، حتى إذا بلغ الأجل الذي قُدر له واستوفاه، جاءته رسل ربه عز وجل، ينقلونه من دار الفناء إلى دار البقاء، فينزل في القبر، وهو دار البرزخ، فإذا وُضع في لحده، «وتولى عنه أصحابه، دخلت معه الروح حتى إنه ليسمع قرع نعالهم على الأرض» ([1])، فيأتيه حينئذ الملكان فيجلسانه ويسألانه: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، فيصدقانه، ويبشرانه بأن هذا هو الذي عاش عليه ومات عليه، وعليه يبعث، ثم يفسح له في قبره مد بصره، ويفرش له من الجنة، ويُفتح له باب إلى الجنة.

وأما الفاجر فإنه إذا سأله الملكان يتلجج ويقول: لا أدري، فيضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ثم يفرش له نار، ويفتح له باب إلى النار.

وهكذا ينعم المؤمن في قبره حسب أعماله، ويعذب الفاجر في قبره حسب أعماله، ويختص كل عضو بعذاب يليق بجنايته، فتقرض شفاه المغتابين الذين يمزقون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم بمقاريض من نار، وتسجر بطون أكلة أموال اليتامى بالنار، وتلقم أكلة الربا بالحجارة، ويسبحون في أنهار الدم، كما يسبحون في الكسب الخبيث، وترض رؤوس النائمين عن الصلاة المكتوبة بالحجر العظيم، ويشق شدق الكذاب الكذبة العظيمة بكلاليب الحديد إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعيناه إلى قفاه، كما شقت كلمته الكاذبة كل النواحي، ويعلق النساء الزواني بثديهن وتحبس الزناة والزواني في التنور المحمى عليه،


الشرح

([1])  سقط من طبعة دار المعارف.