وتسلط الهموم والغموم والأحزان والآلام النفسية
على النفوس البطالة التي كانت في هذه الدنيا مشغولة باللعب واللهو والغفلة عن ذكر
الله، فتصنع الآلام في نفوسهم كما تصنع الهوام والديدان في لحومهم.
ويستمر عذاب القبر
أو نعيمه إلى أن تنقضي الحياة الدنيا، وينتهي أجل العالم الدنيوي، فتمطر الأرض
مطرًا غليظًا كمني الرجال أربعين صباحًا فينبتون من قبورهم كما ينبت الشجر والعشب،
فإذا تكاملت أجسادهم، أمر الله سبحانه إسرافيل، فنفخ في الصور نفخة البعث: ﴿فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ
يَنظُرُونَ﴾ [الزمر: 68] يقول المؤمن: الحمد لله الذي أحيانه بعد ما أماتنا وإليه النشور، ويقول
الكافر: ﴿يَٰوَيۡلَنَا
مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَا﴾ [يس: 52].
ثم يساقون إلى المحشر حفاة عراة غرلاً، حتى إذا تكاملت عدتهم، وصاروا جميعًا على وجه الأرض، تشققت السماء، وانتثرت الكواكب، ونزلت ملائكة السماء الدنيا فأحاطت بهم، ثم نزلت ملائكة السماء الثانية، فأحاطت بملائكة السماء الدنيا، ثم كل سماء كذلك، فبينما هم كذلك إذ جاء الله رب العالمين لفصل القضاء، فأشرقت الأرض بنوره، ونصب الميزان، وأحضر الديوان واستدعي بالشهود، فشهدت يومئذ الأيدي والألسن والأرجل والجلود، فيحكم الله سبحانه بين عباده بحكمه الذي يحمده عليه جميع أهل السموات والأرض، وتوفىّ كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون، فإذا استقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، أُتي بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة، فيطلعون وجلين، ثم يقال: يا أهل النار، فيطلعون مستبشرين، فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: