لعباده ما ينفعهم، ويكره لهم ما يضرهم؛ رحمة منه
بهم وإحسانًا منه إليهم فقد رضى لهم الإسلام دينًا، وكره لهم الكفر؛ قال تعالى: ﴿إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ
ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن
تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ﴾ [الزمر: 7] وهو سبحانه يرضى عن المؤمنين، ولا يرضى عن القوم
الفاسقين، ورضاه وكراهيته صفتان من صفات كماله، تليقان بعزه وجلاله.
وفي هذا الحديث
الشريف يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه يرضى لنا أن نتصف بثلاث
خصال تجمع لنا خير الدنيا والآخرة.
الخصلة الأولى: أن نصلح عقيدتنا،
فنعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا؛ لأن العقيدة هي الأساس الذي تنبني عليه جميع
الأعمال، فإذا صحت العقيدة صحت جميع الأعمال وأفادت، وإذا فسدت العقيدة فسدت جميع
الأعمال، ولم يستفد منها صاحبها؛ ولهذا كان جميع الرسل يطالبون قومهم بإصلاح
العقيدة قبل كل شيء، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36]، وكل رسول يقول
لقومه: ﴿يَٰقَوۡمِ
ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥ﴾ [الأعراف: 59].
وهكذا يجب على كل الدعاة والمصلحين أن يبدءوا في دعوتهم بإصلاح العقيدة، وتنقيتها من الشرك، وقد ضل عن هذه الطريقة اليوم كثير من الدعاة، فصاروا يطالبون بإصلاح جوانب من الأعمال والتصرفات، ويتركون جانب العقيدة وهم يشاهدون الناس يقعون في الشرك الأكبر عند القبور والمزارات فلا ينهوهم ولا يبينون لهم ما هم عليه من ضلال وشرك، وهذا من جهل هؤلاء الدعاة أو تجاهلهم طريقة الرسل في الدعوة. ومهما دعوا ومهما تعبوا فإن دعوتهم لا تفيد ولا تجدي ما دامت تتجاهل أمر العقيدة.