إن أمر الأمة لا
يستقيم ولا يتوفر لها الأمن والرزق إلا إذا صلحت عقيدتهم، قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي
ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ
دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ
أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [النور: 55] فوعد سبحانه بحصول
هذه المطالب العظيمة: الاستخلاف في الأرض، وتمكين الدين، وتوفر الأمن بعد الخوف -
إذا صلحت العقيدة بالإيمان به وبعبادته وحده لا شريك له، فإذا أوفى العباد بذلك
فإن الله لا يخلف وعده.
الخصلة الثانية مما
يرضاه الله لنا: أن نعتصم بحبل الله جميعًا ولا نتفرق، وحبل الله هو القرآن والسنة،
والاعتصام به هو التمسك به والعمل بما فيه بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله، فإن
ذلك ضمان من افتراق الكلمة واختلاف الآراء، قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59]، ولما أمر صلى الله
عليه وسلم بالاعتصام بحبل الله والاجتماع عليه نهى عن التفرق بجميع أنواعه،
كالتفرق في الولاية والقيادة، والتفرق في الآراء، والتفرق في العمل، فإن التفرق
مذموم وهو من صفات اليهود والنصارى؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا
جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ﴾ [البينة: 4]. والتفرق يفضي إلى تمزق الأمة، ووقوع العداوة بين
أفرادها، ويطمع فيها أعداءها، وديننا دين الجماعة فهو يأمرنا بالاجتماع تحت قيادة
واحدة، ويأمرنا بالاجتماع لأداء الصلوات الخمس، والاجتماع لأداء صلاة الجمعة
والأعياد، والاجتماع لأداء الحج، ويأمر المسلمين في جميع أقطار الأرض أن يتجهوا
إلى قبلة